حرف الحاء
الحمد ـ الشكر
• الحمد فى اللغة:
خِلاف الذَّمٍّ
[1]،
ويكون عن يدٍ وعن غير يَدٍ
[2].
• والشكر فى اللغة: عرفان الإحسان ونَشْرُه، ولا يكون إلَّا عن يدٍ
[3].
وقد تكرر اللفظان فى القرآن الكريم كثيرًا، ومن شواهد الحمد:
- {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
الفاتحة/2.
- {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي
جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا
وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ
إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} البقرة/30.
- {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا
بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} الأنعام/1.
- {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا
وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ
الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} الإسراء/111.
ومن شواهد الشكر فى كتاب الله عز وجل:
- {ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ
تَشْكُرُونَ} البقرة/52.
- {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا
تَكْفُرُونِ} البقرة/152.
وتكررت جملة: {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} فى
مواضع كثيرة من القرآن الكريم: "البقرة: 52، 56، 185، آل
عمران: 123، المائدة: 6، 89، الأنفال: 26، النحل: 14، 78، الحج: 36، القصص: 73،
الروم: 46، فاطر: 12، الجاثية: 12".
قال الزمخشرى:
"الحَمْدُ والمَدْح أخَوَانٍ، وهو الثناء والنداء على الجميل من نعمةٍ وغيرها،
وأَمَّا الشكر فعَلَى النعمة خاصَّةً، وهو بالقلب و اللسان والجوارح ... والحمد
باللسان وحدَه، فهو إحدى شُعَبِ الشكر، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "الحمد رأس
الشكر، ما شكَرَ اللهَ عبدٌ لم يَحْمَدْه"؛ وإنما جعله رأس الشكر لأن ذكر النعمة
باللسان والثناء على مُولِيها أشْيَعُ لها وأدَلُّ على مكانها من الاعتقاد وآداب
الجوارح؛ لخفاء عمل القلب، وما فى عمل الجوارح من الاحتمال، بخلاف عمل اللسان وهو
النطق الذى يُفصح عن كل خفٍّى ويُجَلِّى كل مُشتَبِه. والحمد نقيضه الذَّمُّ،
والشكر نقيضه الكُفْران"[4].
ويُفْهَم من كلام الزمخشرى أن اللفظين بينهما عموم وخصوص وَجْهِىّ:
- فالحمد أعمُّ من وجهٍ: هو أنه يشمل الثناء بنعمة سابقة، أو بغير نعمةٍ. فالحمد
لله يشمل الثناء عليه عز وجل لأنه المُنِعْم والحافظ والرازق .. وغير ذلك من الصفات
التى فيها إنعامٌ على الخَلْق، كما يشمل الثناء على الله عز وجل بصفاته الذاتية،
كالعلم والقدرة والعظمة.
- والشكر أعمُّ من وجهٍ آخر: هو أنه يكون بالقلب واللسان والجوارح، والحمد باللسان
وحده.
وأضاف الألوسى فى شرحه لمعنى "الحمد":
الثناء على الجميل من نعمة أو غيرها، مع المحبة والإجلال
[5].
وأضاف الرازىُّ ملمحًا آخر فى معنى الحمد فقال:
"إن الحمد يَعُمُّ ما إذا وصل ذلك الإنعام إليك أو إلى غيرك، وأمَّا الشكر فهو
مختصٌّ بالإنعام الواصل إليك"
[6].
• ونخلص مما سبق إلى أن اللفظين "الحمد
ـ الشكر" بينهما تقارب دلالىٌّ؛ حيث يشتركان فى
معنى عام هو: الثناء بالجميل.
ويتميَّز كلٌّ منهما بملامح دلالية فارقة:
• فالحمد:
o يكون على النعمة والعطاء، وعلى الصفات الذاتية.
o ويكون على النعمة الواصلة إليك أو إلى غيرك.
o وفيه محبة وإجلال.
o ويكون باللسان دون غيره.
• والشكر:
o لا يكون إلَّا على النعمة والعطاء.
o ولا يكون إلَّا على النعمة الواصلة إليك.
o ويكون بالقلب واللسان والجوارح.
o ليس فيه معنى المحبة والإجلال.
****************************
[1]
مقاييس اللغة، اللسان (ح م د).
[2]
اللسان: (ح م د).
[3]
مقاييس اللغة، اللسان (ش ك ر).
[4]
الكشاف 1/46 - 47.
[5]
روح المعانى 1/70.
[6]
تفسير الرازى 1/219.
|
|