حرف الألف
الأجر ـ الثواب
• الأجر فى اللغة
له معنيان: جزاء العمل، وجَبْرُ العظْم المكسور.
ويجمع بين المعنيين أن أجرة العامل بمنزلة تعويض يتلقَّاه جزاء ما بذله من كَدٍّ
وجهد، فهذا التعويض كأنه شىءٌ يُجْبَرُ به كما يُجْبَر العظم المكسور
[1].
• والثواب فى اللغة: العَوْدُ والرجوع، يقال: ثاب يَثُوب إذا رجع
[2]،
ومن هذا المعنى أخذ الثواب بمعنى الجزاء على العمل؛ إذ الجزاء لونٌ من رجوع أثر
العمل على فاعله.
والاستعمال القرآنى للكلمتين يَقِفُنا على استقلال كلٍّ منهما بملامح دلالية
تميِّزه.
فالأجر فى القرآن الكريم لا بُدَّ أن يسبقه عمل وجهد وبذل، سواءٌ أكان الأجر فى
الآخرة، كما فى قول الله عز وجل: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ
وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ
عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} البقرة/112.
- {إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ}
يونس/72، هود/ 29، سبأ/47.
أو كان هذا المقابلُ دنيويًّا، كما فى قوله عز وجل:
- {فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً}
النساء/24.
سُمِّى مهر الزوجة أجرًا؛ لإثبات أحقيَّته.
- {إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ
لَنَا} القصص/25.
وقد يكون الأجر من الله عز وجل، كما قد يكون من الناس، ولا يكون الأجر إلَّا
بالخير كما فى جميع المواضع من الكتاب الحكيم.
أمَّا الثواب فى الاستخدام القرآنى فقد يكون بالخير، كما فى قول الله عز وجل:
- {فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ
وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ
سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ}
آل عمران/195.
وهذا هو الغالب، لكن قد يكون بالشر كما فى قول الله عز وجل:
- {فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ}
آل عمران/153.
وذلك لأن الثواب ـ كما سبق ـ مشتق من الرجوع، والجزاء رجوع على المرء بما فعل إنْ
خيرًا فخيرٌ، وإنْ شرًّا فشرٌّ، أما الأجر فهو تعويض يُعْطَى مقابل جهد أو بَذْلٍ؛
ولذلك لا يكون شرًّا قط.
كما أن الثواب لا يكون إلَّا من الله عز وجل.
• ونخلُص مما سبق إلى أن الكلمتين "أجر ـ ثواب"
بينهما تقارب دلالى؛ حيث يشتركان فى ملمحين دلاليين هما:
• المكافأة.
• كلاهما قد يكون
فى الدنيا أو فى الآخرة.
بينما اختص الأجر
بملامح فارقة هى:
• أن يسبقه جهد أو بذل.
• قد يكون من الله
سبحانه وتعالى، أو من الإنسان.
• لا يكون إلَّا
بالخير.
على حين تميز
الثواب بالملامح الفارقة الآتية:
• أنه لا يكون إلَّا من الله عز وجل.
• قد يُستعمَل فى
الشرّ.
*******************************
[1]
مقاييس اللغة (أ ج ر).
[2]
مقاييس اللغة (ث و ب).
|
|