حرف الصاد
الصَّنَم ـ الوَثَن
• الصَّنَم فى
اللغة: ما نُحِتَ من خشب أو فِضَّة أو نحاس وله صورة آدمىِّ أو غيره، ليُتَّخَذ
معبودًا من دون الله[1].
• والوثن فى اللغة: حجارة كانت تُعْبَد من دون الله[2].
وجرى المُفَسِّرون على هذه التفرقة بينهما، فالصنم لا بُدَّ أن يكون له صورة، وهو
خاص بما نُحِتَ من خشب أو فضة أو نحاس. أما الوثن فليس له صورة، فقد يكون حجرًا لم
يُنْحَتْ ليتخذ شكلًا أو صورة معينة، كما لا يُشتَرط أن يكون من الخشب أو الفضة أو
النحاس.
وقد تكرر ذكر الأصنام فى القرآن الكريم خمس مرات فى الآيات التالية:
- {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ
أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}
الأنعام/74.
- {فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى
أَصْنَامٍ لَهُمْ} الأعراف/138.
- {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا
وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ}
إبراهيم/35
- {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ
أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ} الأنبياء/57.
- {قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا
عَاكِفِينَ} الشعراء/71.
السياقات التى وردت فيها كلمة الأصنام فى هذه الآيات الكريمة ـ تشير إلى
أنها شىءٌ مصنوع مبالغ فى نَحْتِه ونقشه وتصويره، ففى آية الأنعام نجد سيدنا
إبراهيم عليه السلام يَنْعى على أبيه أن "يَتَّخذ"
أصنامًا آلهة، ولفظة "اتَّخّذَ"
بصيغتها الصرفية ومعناها المعجمى تدلُّ على التكلُّف وبذل الجُهد، فهى إذن أصنام
مصنوعة منحوتة مصوَّرة فى هيئة وشكل.
ومثل ذلك آية الأعراف؛ بدليل أن قوم موسى اتخذوا من بعده من حُلِيِّهم عجلًا جسدًا
له خُوار. فهم صنعوا هذا العجل ليكون صنمًا يعبدونه كتلك الأصنام التى رأوا هؤلاء
القوم يعبدونها، وكانت تماثيل بقر[3].
والآيات الثلاثة الأخرى جاءت الأصنام فى آيتين منها على لسان إبراهيم عليه السلام،
والثالثة على لسان قومه فى آية الشعراء، وهى الأصنام التى كانوا ينحتونها، وذكرها
إبراهيم عليه السلام فى معرض معاتبة أبيه لاتخاذه آلهة من دون الله.
وأمَّا الأوثان فقد ذكرت فى القرآن الكريم ثلاث مرات، فى الآيات التالية:
- {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا
قَوْلَ الزُّورِ} الحج/30.
- {إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ
أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا} العنكبوت/17.
- {وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ
أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا
وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ}
العنكبوت/25.
قال أبو حيان:
قد يُتَصَوَّر استعمالُ الوَثَن فى بناء وغير ذلك ممَّا لم يحرِّمه الشرع، ولكن
عبادة الوثن هى المأمور باجتنابه[4].
وقد بنى أبو حيان تفسيره هذا على اعتقاد جازم بأن الوثن هو الحجر غير المنحوت على
صورة معينة.
وهذه التفرقة بين الصنم والوثن هى المعتمدة عند كثير من المفسِّرين وعلماء اللغة
وغريب الألفاظ، منهم ابن عرفة، والراغب الأصفهانى، والجصَّاص، والشافعى وغيرهم[5].
• ونخلص مما سبق إلى أن لفظى "الصنم
ـ الوثن" بينهما تقارب دلالى؛ حيث إنهما يشتركان
فى عدة ملامح دلالية هى:
• أن كليهما جسم مادِىّ.
• وأنه يتخذ إلهًا معبودًا من دون الله.
ويختلفان فى بعض الملامح الفارقة، حيث إن الصنم:
• لا بُدَّ أن يكون مُصَوَّرًا منحوتًا.
• ولا بد أن يُصنع من خشب أو نحاس أو فضة أو ذهب.
• أما الوثن فهو مجرد حجر لا صورة له ولا نقش.
************************
[1]
مقاييس اللغة، اللسان (ص ن م).
[2]
مقاييس اللغة، اللسان (و ث ن).
[3]
الكشاف 2/110.
[4]
البحر المحيط 6/366.
[5]
انظر: مفردات الأصفهانى،
عمدة الحفاظ (ص ن م، و ث ن).
|
|